اللوحة الأولى :
يمر موكب فيتوقف المارة وينحنون .. يتململ رجل بين
الجموع
وعلى ظهره صليب ، ثم يتجه نحونا ويحكي لنا عن
عشقه
وثمن ذلك العشـق الذي أداه من خلال اغتيال طفله
وصلبه
هـو وحرق حقلـه .. ويحكي لنا عـن الوشم الذي
حاول
مكافحو العشق إزالته من الكف ففشلوا لأنه كـان قد
تحول
إلى القلب :
هانا هاز الصليب فوق ظهري
وولدي عينو مسمرة على سور القرية ،
راجع نحكي لكم قصتي .. يا ناس القرية .
قارون قتل ولدي وحرق لي الجنان
سرق لي سميتي وباع دمي
اسجن قلبي وحوطو بـلحزان
في فم بوصاط مصلب عيوني (1)
لكن ..
كلما قسى عليا نشوف لحبيبة جاية
نفنى ونموت
ومن لحمي نفتل لحبل
بدموعي نكتب على كفني
حكاية الجنان والطفل .
........
نحفر الصدر
ونوشم فيه الحبيبة فوق المشنقة
ونطير
فوق برارك القرية ،
باش نحكي لحبابي
قصة الجنان والطفل المنسية .
اللوحة الثانية :
ينهض من قبر – ندور حوله – مخلوق أسطوري في شكل
الخلق الأولي وكأنه سيتم تكوينه
الآن .. يتقدم منه الرجل الـذي
يروي حكاية عشقـه التي يهربها من
جمع إلى جمع .. ويقبــل
المخلـوق الجنيني الذي نلاحـظ
عمليـة اكتمال تكوينـه تحدث
أمامنا .. يصيح مهرب حكايته السرية :
نحكي للناس قصة العذاب
يشويوا لساني
نحكي للناس على ولدي
يحولو عينيا
ويرسمو على حيوط القرية ،
صورة مجنون من القبر راجع
وبالنار على صدري واشمينها ليا
ملونين الصورة بدموع اللي في صدري
مخبية ..
بعدما ساﭭوني للـﮕارة وسمروني
وطافت اللي في قلبي على القرية ،
شفت العرس
يشطح فيه ولدي مذبوح
وسطكم يا ناس القرية .
اللوحة الثالثة :
يتجول بيننا ذلك الهارب من الموت والمحكوم عليــه
غيابيا بتهمة قديمة هي تهريب
الحكاية وتعليم الناس العشق ،
وتهمة جديدة هي عصيان الموت
وتحديها .
كلما اقترب مـن أحدنا يحمل – للإحتماء مـن جنونه
وغضب الموت – كتابا أصفـر وسيفـا صدئا .. هكذا أوصانا
فقهاء أمروا بمكافحة العشق حتى لا يسلط علينا ما سلط عليه
من غضب ولعنة .. لكنه يديننا بقدرته على العشق :
بكاو الوليدات
لما قراو على الصورة ديك السمية ..
وخا ما كاينة في الصورة عين ،
الوليدات كانو عينيا ..
تلمست جبهة ولدي
لقيتها موشومة بغناية شتوية .
وقريت الحب في عينين امو
اللي في الصدر مخبية ،
وبديت جوال في اسواق بوهالة
والموتى العايشين
هاز الصليب فوق ظهري
وولدي عينو مسمرة في سوق القرية
راجع نحكي لكم قصتي يا ناس القرية .
نحكي بالسر وبالغوات
ونهرب من جلدي تابعني السكات
نصيح : ها الحجة في القلب ..
في اللسان .. والولد اللي مات .
واش تقتو بيا أو محال ..
يا ناس القرية ؟
اللوحة الرابعة :
يتأمل ذلك الرجل خارطة زماننا. يجد حدودها ملغومة بخيوط
لا ترى .. ويبحث في أحد شهورها
البريئة العذراء فيجدها ملعونـة
مثله لأنها في حالة مخاض .. وحين
منع العشق وطرد أصحابــه
كانت ولادة تلك الشهور مقررا لها
أن تكون صعبة .. يطلب منا أن
نتقدم لمساعدتها على
الوضـع .. نتململ مـن مكاننا .. الصمـت
يغتصب منا الفعل..نفيـق مرة أخرى.. نتململ .. فإذا بنا جميعــا
نحن ذلك الجنين . يباغـثنا الرجل في أول يوم من ولادتنا :
هانا هاز الصليب فوق ظهري
وولدي عينو مسمرة على سور القرية ،
راجع نحكي لكم قصتي
يا ناس القرية ،
في كفي جوج اسميات
اسميتي واسمية اللي جاية .
يقراو الوليدات الكف يعرفو سري
مسجون مثل سحابة زماننا
ما صبت منها شتا
ولا خلاتنا ندفاو بشمس توحشناها ،
كل ساعة يـﭭولو الدراري
هاهي طلعت .. ها هيا جاية ،
ويدقو على ديوركم
يعاودو لكم قصة الجنان والطفل ،
والبو الهارب
اللي بينكم يسال ويسول :
علاش ما تعرفو يا ناس القرية
ديك القصة أو هي عندكم منسية ؟
اللوحة الخامسة :
هاهي امرأة تتحرك بيننا .. تتحول إلى شمـس ثم تختفي
فنناديهـا : أماه .. نتحرك نحوها تتقدمنا طفلة – تبدأ الرحلـة
معنا – تعلم أبجدية الحب القاسي ، وكيفية تهريب الوطن السري
من الجمارك .. يرافقنا رجل الصليب المعتوه، العائد من ذاكـرة
" الزمن الموحش ".. يتأمل الوشم في صدره .. يغرس عينيـه
في كفيه ..يطلب منا أن نصغي :
الطفل سرق السر من القبر
واخطف العين من سور القرية ،
يوشم الحب على صدرو ..
يزرع : همزة وحاء وباء
في جباهنا المكوية .
خلعونا :
رجعو، رجعو
في التخبية الأمان ..
اللي دخل دارو في أمان
اللي سكت في أمان
واللي زاوﮒ في دار قارون
من يدو يتفرق الأمان .
لكن الطفل ما زال غادي للـﭭدام
ومن بعيد كنا نسمعو
الرصاص ولعجاج يعمي عينينا
والموت تحت لقدام ،
والهمزة والحاء والباء
تنغز رجلينا
الطفل ما زال غادي للـﭭدام ،
يعلم الناس
الهمزة والحاء والباء في القرية ،
ويرسم في كفوفهم شمس
وأم هازة لعلام
باش تصدقوني يا ناس القرية .
اللوحة السادسة :
يبحث الرجل المطارد – والمحكوم عليه غيابيا بتهمة تهريب
الحكاية وتعليم الناس العشق
وعصيان الموت – عـن دليل ، فيقبل
وشم الكف ثم يقطع أحد العروق في
يده ويلصقها بكف الطفل فتنمو
شجرة زيتون تتجمع فيها
خيوط الشمس وصورة الأم ، ثم يأخـذ
أعلاما لست أميز عددها – وبإمكانكم
أنتم ذلك – فيجمعها ثــم
يعصرها إلى أن تصبح راية واحدة يخبئ فيها الزاد والشجرة ..
ويوصينا :
هانا هاز الصليب فوق ظهري
وولدي عينو مسمرة
على سور القرية..
راجع نحكي لكم قصتي
ياناس القرية ،
اصحاب ولدي علامات تحكي
للناس ديك القصة المنسية :
قارون صلبني وقتل ولدي
سرق سميتي وباع دمي ..
سجن قلبي وحوطو بـلحزان
وانتوما بداو الرحلة
وما تنساوش قصتي
يا ناس القرية ..
---------
1 – بوصاط : التنين .